القائمة الرئيسية

الصفحات

كشمير ... ارض الجمال والفنون والثقافة

إن كانت ثمة جنة على الأرض فلا بدا ان تكون هي هنا " هذا ما قاله الإمبراطور المغولي العظيم "جهانكير " عن "كشمير" في اللغة الفارسية حينما زارها للمرة الاولى. وبالرغم من أن هذه المقولة قد مضى عليها أكثر من خمسمائة عام فإنها لا تزال حقيقة ماثلة حتى يومنا هذا، والحق أن ما دفع الملوك والغزاة على مر العصور إلى تشبيهها بالجنة ليس مجرد جمال طبيعتها، فمميزاتها تفوق ذلك بمراحل؛ إذ مثلت "كشمير" ملتقى العلم والثقافة، وهو ما جعلها تكتسب مكانة بارزة في مجال الفن والأدب على مدى العصور. أما في مجال الفلسفة والتصوف بمعنى الإيمان المطلق والشعر وحب الجمال فقد خطا أبناء كشمير جيلا بعد جيل خطوات كبيرة نحو بناء حضارتهم الخاصة.
لم يكن "جهانكير " وحده فيما ذهب إليه من وصف لكشمير التي تتمتع بجمال ونقاء أسطوري، فقد ذكر "كاليداس" الشاعر الهندي العظيم قديما "أن كشمير تفوق الجنة حسنا وبهاء، وأنها نبع للسعادة والهناء". وقال المؤرخ الكبير كالهان: "إنها أجمل بقعة في جبال الهمالايا، حيث تشرق أشعة الشمس". أما المؤرخ الإنجليزي المعروف باسم "ولتر لورانس" فقد وصفها في القرن التاسع عشر بأنها واد من الزمرد المحاط باللؤلؤ وأرض للبحيرات والينابيع الصافية وللمروج والأشجار الملتفة والجبال الشاهقة والعبير والنسمات الباردة، تمتاز مياهها بالحلاوة ورجالها بالقوة، أما نساؤها فإنهن ينافسن أرض كشمير في خصوبتها.

التعايش السلمي بين المسلمين والهندوس
وبنظرة في تاريخ كشمير الذي خطه كالهان في القرن الثالث قبل الميلاد يتبين أن الإمبراطور أشوكا قد أدخل الديانة البوذية في الإقليم، وقد نستشف من الوضع السياسي الحالي في كشمير أن تاريخ وجغرافيا الإقليم والانتماءات الدينية لسكان الإقليم قد فرضت عليهم مثالا نموذجيا للمرارة والعداء، ولكن هذا ليس صحيحا؛ فقد عاش المسلمون والهندوس في وئام تام منذ القرن الثالث عشر عندما ظهر الإسلام بقوة في كشمير؛ ذلك لأن عادات الهندوس الكشميريين والطرق الصوفية الإسلامية للمسلمين الكشميريين ساعدتهم على التعايش، وأصبح كل منهم يكمل الآخر.

الفنون الكشميرية
تعتبر صنوف الفنون مثل الموسيقى والرقص والمسرح وغيرها من وسائل الإبداع والترفيه بحق المرآة الحقيقية التي تعكس قدرا كبيرا من المعرفة عن عقلية الكشميريين. والموسيقى الكلاسيكية الكشميرية تعد بمثابة مزيج من الموسيقى الكلاسيكية الهندستانية والإيرانية. وتستخدم "السانتور" وهي آلة موسيقية رئيسية ذات مائة وتر يتم العزف عليها من خلال عصوين منحنيتين فضلا عن الربابة والطبلة، أما الأغاني فهي إما بالفارسية أو بالكشميرية. وتعتمد المؤلفات الموسيقية على النغمات الهادئة التي تتدرج في الارتفاع وإن كانت لا تصل لدرجة الصخب.
أما المسرح الكشميري الذي اعتمد على فرق تسمى باهاند فقد كان خير معبر عن آمال ومخاوف ومشاكل الرجل العادي منذ العهود الغابرة، ولا شك في أن هذا اللون من الفن تميز بحيوية خاصة، وذلك بفضل أفكاره الأساسية واعتماده على عنصري الذكاء والكوميديا، وقد تطور هذا النوع من الفن ليصبح ذا نمط وأسلوب محدد يعتمد على الإضحاك والسخرية والنقد، وهو يحظى بانتشار واسع حتى يومنا هذا؛ نظرا لوجود الإذاعة والتليفزيون، ومع الوقت ظهر بديل جديد لهذه الفرق في نمط شعبي يدعى "شاهاكري"


"الوازوان".. طبق الأعراس
أما بالنسبة للأطباق الكشميرية فإنها تجمع بين أفضل ما يمثل المطبخ الهندي والإيراني والأفغاني ووسط آسيا، فضلا عن طبق "الوازوان" الذي يقدمه المسلمون في أعراسهم والذي يتفننون في إعداده، ناهيك عن الطرق المختلفة لإعداد لحم الضأن والدجاج باستخدام جوز الطيب، وأنواع الصلصة المختلفة وكرات اللحم المفروم التي تقدّم مع الأرز، وغيرها من أنواع الخضر والجبن والحلوى. ومثل هذه الأطباق شأنها شأن المظاهر التراثية الأخرى قد وجدت طريقها إلى المطابخ الهندية والباكستانية، بل إن بعض هذه الأطباق تمثل نوعا من الحفاوة الشديدة بالضيف.
كما تتميز كشمير بفنونها وحرفها وبخاصة في مجال الغزْل شديد التعقيد الذي يتجلى في كل بوصة من السجاد الكشميري المصنوع من الحرير أو الصوف بالرغم من بساطة أسلوب الفن المتبع في ذلك. ويسمى الشخص الذي يقوم بشغل الشالات وتصميمها "النقاش" ، وهناك أنواع أخرى من الفرش فضلا عن السجاد وهي أنواع كشميرية خالصة، فالنامدا numdah يطرز بزخارف ونقوش نباتية رقيقة، وهي فرش صغيرة يمكن أن تنتشر في أرجاء الغرفة بما يضفي إحساسا بالدفء والبهجة.
ولا يمكن لأي زائر لكشمير أن يغادرها دون أن يحمل معه بعض التذكارات كالملصقات والمعلقات، إلى جانب القناديل وصناديق المجوهرات، وهناك الشمعدانات والصواني المنتقاة بعناية.. بل وحتى البيض والأجراس المزركشة التي ستحتفظ بجمالها طالما لم تتعرض للماء

تعليقات